للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان قدرة الله تعالى على كل شيء]

قال تعالى: ((فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ)) أي: قال الكلمة التي يقولها كل مؤمن {أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:٢٥٩] ولو أن الناس وثقوا بهذه الآية جل وعلا من عجائب قدرته، فقد قيل: إن المنصور بن أبي عامر أحد ملوك الطوائف في الأندلس كان حمَّاراً يسوق الحمير، ومعه اثنان على نفس مهنته، فقال لهما ذات يوم: ما تطلبان مني لو أصبحت أميراً للمؤمنين؟ يعني: في تلك المنطقة، فأخذا يسخروا منه، فقال: تمنيا.

فقال أحدهم وكان عاقلاً: أنا أريد قصوراً وجواري.

وقال الثاني: تحملني على حمار وتجعل وجهي إلى عجز الحمار ويطاف بي على القرية ويقال: إني مجنون.

فترك هذه الصنعة وصار جندياً، ثم ما زال يرتقي حتى أصبح حاجب الخليفة، أي: الذي يجلس على الباب، مثل قائد الحرس الملكي في عصرنا، وكان لهذا المكان منزلة عند الناس، ثم إن الخليفة مات وترك ابناً صغيراً لا يصلح أن يكون ملكاً، فأعطي ولاية العهد، فصنع له مجلس وصاية من مجموعة منهم الوزير، والأمير، وفلان، والحاجب المنصور بن أبي عامر، ومع الأيام استطاع بقدرته وبشطارته بإرادة الله أن يتغلب على الجميع، وأصبح هو الأمير، فقال ائتوني برفيقي فوجدوهم في نفس المكان، فقال للأول: ماذا طلبت؟ قال: طلبت قصوراً وجواري، فقال: أعطوه قصوراً وجواري، وقال الثاني: أنا نسيت، أعفني يا أمير المؤمنين، فألح عليه، فلما ألح عليه أخبره فأمر بأن يوضع على حمار ويطاف به في البلدة، فشفع الناس فقالوا: لقد حقق الله لك أمنيتك، فماذا تستفيد من حمله على حمار بتلك الريقة؟! قال: أفعل ذلك لشيء واحد: ليعلم أن الله على كل شيء قدير.

فاعلم -يا أخي- أن الله على كل شيء قدير، فهؤلاء الأمريكيون في أرض بغداد أو في غيرها ظاهرهم الطغيان، فما جاءوا إلا ليفسدوا في الأرض، ولا يمكن أن يبيت بوش وأقرانه خيراً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا الذي يريدونه هم، والذي يريده الله بهذه الأمة من خير عظيم لا يمكن أن يرده بوش ولا غيره، قال الله عز وجل: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} [الطور:٤٢] فنصر الله قادم شاءوا أم أبوا، رضوا أم غضبوا، ولا نعلم كيف سيكون، لكن الذي نعلمه يقيناً أنه سيكون، وأرجو الله أن يكون قريباً، وثقوا بأنه كم من محنة في طيها منحة، وعطية من الله، وكلما ضاقت الأمر دل ذلك على أول الفرج، قال الشاعر: وراء مضيق الخوف متسع الأمن وأول مفروح به غاية الحزن فلا تيأسن فالله ملك يوسف خزائنه بعد الخلاص من السجن سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله.

<<  <  ج: ص:  >  >>