بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: ففي هذا الدرس -يسر الله إتمامه- نواصل تفسير كتاب ربنا جل وعلا واقفين عند قول الله جل وعلا في سورة آل عمران:{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:٧٥] إلى قوله جل وعلا: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}[آل عمران:٨٣].
إن سورة آل عمران سورة مدنية، وإن من أساليب تسمية سور القرآن تسمية الشيء باسم بعضه، وهذا أمر كانت العرب تستخدمه في كثير من الأمور، فسميت سورة البقرة بسورة البقرة لأنه جاء ذكر قصة البقرة فيها، وسميت سورة آل عمران بسورة آل عمران لأن الله جل وعلا ذكر فيها عمران وآله.
وعلى هذا يقاس كثير مما في كتاب الله جل وعلا، وهو ظاهر بين، وإنما الخلاف بين العلماء في كون تسمية سور القرآن كانت من النبي صلى الله عليه وسلم أو من أصحابه أو من غيرهم.
والذي يظهر -والله جل وعلا أعلم- أن تسمية سور القرآن تسمية توقيفية، بمعنى أن الصحابة سموها بإشارة وأمر وإرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم.