ثم قال جل وعلا:{وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}[التوبة:٦٠].
المؤلفة قلوبهم لم يرد في القرآن كله ذكر لهم إلا في آية تقسيم الزكاة، ففي القرآن يذكر مشركون وكفار ومنافقون ومؤمنون ومجاهدون، وأصناف كثيرة تتكرر، ولكن المؤلفة قلوبهم لم يرد في القرآن ذكرهم إلا في آية مصارف الزكاة.
والمؤلفة قلوبهم قد يكونون أهل إيمان وقد يكونون أهل كفر، والجامع بينهما أن في إعطائهم مصلحة الإسلام، فقد يكون المؤلف كافراً فيعطى دفعاً لشره، أو يعطى تأليفاً لقلبه على أن يسلم، أو مسلماً ضعيف الإيمان وله شوكة فيعطى زيادة في إيمانه، أو مسلماً دخل في الإسلام لتوه وله نظراء من الكفار، فإذا أعطيناه طمع نظراؤه من الكفار في الدخول في الإسلام.
واختلف العلماء في سهم المؤلفة قلوبهم هل هو باق أو منسوخ، فقال بعضهم: هو منسوخ؛ لأن الله أعز دينه، وهذا كان في أول الإسلام.
والحق الذي عليه الجمهور والمحققون من العلماء أنه غير منسوخ؛ لأن الأحوال تختلف، والعصور تتباين، فيطبق في كل عصر ما فيه مصلحة المسلمين العليا، وإن أسقطه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.