ثم قال الله جل وعلا:{وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}[القمر:٤١ - ٤٢]، والعرب أحياناً تطلق الجمع وتريد المثنى، فـ (النُّذُرُ) وهم موسى وهارون، فلو جاء إنسان وقال إن الله يقول:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:١٠٥]، وما جاءهم إلا رسول، فإنه يجاب بأن التكذيب بواحد كالتكذيب بالكل.
فإن قال: كيف تقول في قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ}[القمر:٤١]: إن المقصود بـ (النذر) موسى وهارون، فلماذا لا يكون المقصود الرسل كلهم؟ فالجواب أن الله تعالى قال:(وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) والذين حصل منهم المجيء إليه هما اثنان فقط، ولو قال تعالى: كذبت قوم فرعون النذر، لقلنا: المراد جميع الرسل.
{كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}[القمر:٤٢] وقوله تعالى: ((كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا)) هذه الآيات هي تسع، والله يقول:{فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}[النمل:١٢].
وهي على النحو الآتي: قال الله: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ}[الأعراف:١٣٠] فهذه واحدة، {وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}[الأعراف:١٣٠] وهذه الثانية.
وقال تعالى:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ}[الأعراف:١٣٣]، وهذه خمس، فصارت سبعاً.