ثم يقال لهم:((اصْلَوْهَا)) أي: ذوقوا حرها {فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الطور:١٦] واستوى الصبر والجزع هنا لأنه قد تقرر عقلاً ونقلاً وشرعاً أن الإنسان إذا ابتلي بشيء فهو إما أن يصبر وإما أن يجزع، فإذا جزع خسر العاقبة، وإذا صبر نال العاقبة والخير؛ هذا إذا كان مؤمناً، وإن كان كافراً فإنه إذا جزع خسر، وإذا صبر فإن صبره يهون عليه الأمر، حتى إن أعداءه لا يستطيعون أن يشمتوا به إذا كان صابراً؛ لأنهم يرون أن هذا الكرب لم يغير فيه.
فالصبر إذا تحلى به الإنسان -مؤمناً أو كافراً- فإنه يعينه على قهر ما أصابه من بلاء ولو نسبياً، فالصبر ذو فضل على الجزع.
ولكن في يوم القيامة إذا دخل أولئك النار كان الصبر والجزع بالنسبة لهم سواء، فلا هم يخرجون إن صبروا، ولا يخفف عنهم العذاب إن جزعوا، ولذلك قال الله عنهم في آية أخرى:{سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}[إبراهيم:٢١] فلا يوجد مفر ولا مخرج، ولا يوجد لهم ملجأ، فالصبر والجزع يستويان في نار جهنم أعاذنا الله وإياكم منها.