[تفسير قوله تعالى:(ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك)]
أما الآية التي بين أيدينا فإن الله يقول:{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[آل عمران:٧٥].
إن حب المال أمر مفطور في النفوس، قال سبحانه:{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}[الفجر:٢٠]، وقال جل وعلا عن بني آدم:{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}[العاديات:٨]، والأمانة في إنفاذها وفي إعطائها لا علاقة لها بالإيمان والكفر إلا شيئاً يسيراً، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(كذب أعداء الله -يقصد اليهود- كل أمور الجاهلية تحت قدمي هاتين إلا الأمانة، فإنها مؤداة إلى البر والفاجر)، فلو قدر أن لأحد من الناس أمانة عندك وكان فاجراً فإن فجوره لا يمنعك من تأدية الأمانة إليه، فكونه كافراً أو فاجراً أو فاسقاً لا علاقة له بأحقية الأمانة التي له عندك.