للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيفية ظهور الصليب]

النصرانية والأصل أن عيسى بعث إلى بني إسرائيل مثل موسى، وقد قلنا: إن بني إسرائيل يعودون إلى إسرائيل الذي هو يعقوب، ويعقوب عليه السلام له أخ اسمه العيص، ومن ذرية العيص الروم، وكان العيص فيه صفرة، فلذلك يسمى الروم بني الأصفر، ولذلك فإن أبا سفيان لما رأى هرقل يخشى النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقد أصبح ملك محمد عظيماً، تخافه بني الأصفر.

فالروم في الأصل ليس لهم علاقة بعيسى، والدين النصراني اليوم أكثر أتباعه الروم في أوروبا وفي أمريكا، فهم أكثر من اليهود.

وسبب ذلك أنه بعد ثلاثة قرون من رفع عيسى حدثت حروب بين الرومان وأشياعهم، فآمن ثلة من الرومان بما بقي من دين عيسى عليه الصلاة والسلام.

وكانت اليهود تزعم أنها قتلته، ولذلك يأتون إلى كنيسة القيامة -وهي الموطن الذي زعموا أنهم قتلوا فيه عيسى عليه السلام- فيرمون فيه الزبالات، والقاذورات، والقمامة حتى تجمعت.

فجاء قسطنطين الثالث فآمن بدين عيسى السلام مع التحريف، بعد أن جاء رجل يبحث في تلك القمامات حتى وصل إلى الصليب، حيث يزعمون أنه وصل إلى الخشبة التي صلب فيها من يعتقد اليهود أنه عيسى، فالصلب وقع، ولكنه ما وقع على عيسى، فاليهود صلبوا رجلاً وقتلوه.

فهذا الرجل وجد خشبة على هيئة الصليب المعروفة الآن بعد عيسى بثلاثة قرون، ولما أخذها زعم أنه كان مريضاً، فلما تمسح بها برئ، فلما علم الناس ذلك أخذوا يصنعون الصليب ويتبركون به ويعتقدون فيه ذلك إلى يومنا هذا، فهذا أصل فكرة ظهور الصليب للناس.

فلما علمت أم قسطنطين -واسمها هيلانا بهذا أمرت بمحو القاذورات وبنت عليها كنيسة أسمتها كنيسة القيامة، وذلك أنهم يعتقدون جهلا أن عيسى يبعث منها، فبما أنه مات فسيبعث من هذه الكنيسة، والكنيسة موجودة اليوم في بيت المقدس، وإن لم أنس فإن السادات لما زار إسرائيل تكلم وألقى خطابا في هذه الكنيسة، فهذه الكنيسة قائمة تعظم إلى اليوم.

وتسمى أحياناً كنيسة القمامة بالنسبة لما كان عليها، ثم بعد ذلك كان النصارى يضعون القمامة على الصخرة التي تعظمها اليهود، وكان يصلي إليها موسى عليه السلام.

وهذه الصخرة محا القامة عنها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولكنه صلى أمامها وجعلها خلفه.

فأصبح بيت المقدس يضم الكنيسة التي يعظمها النصارى، ويضم الصخرة التي تعظمها اليهود، ويضم المسجد الأقصى الذي يعظمه المسلمون.

فهذا مجمل ما يمكن أن يقال عن عقيدة النصارى، وهي: قائمة على سر التعميد، والإيمان بأن الله كَفّّر عن البشر خطاياهم بقتله ابنه، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>