[تفسير قوله تعالى:(ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت)]
ثم قال الله جل وعلا:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}[الأنعام:٩٣]، هذا تصوير لكيفية نزع أرواح أهل الإشراك، وقبض الأرواح موكل به ملائكة، والنفس إما أن تكون مؤمنة وإما أن تكون كافرة، ولأن الكفر والإيمان لا يستويان كان من البداهة ألا يستوي قبض روح المؤمن وقبض روح الكافر، والله يصور هنا قبض أرواح الكفار.
والغمرة في اللغة: لجج الماء التي تغطي صاحبها، فالإنسان حين يضربه الموج تنقله وغمرات الماء من مكان إلى مكان يصيبه الخوف الشديد والرعب، فالله جل وعلا يقول: إن هؤلاء الكفار تتخبط روحهم في أجسادهم قبل أن تخرج، والملائكة تضربهم وتقول لهم {أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ}[الأنعام:٩٣] أي: أوجدوا لأنفسكم خلاصاً ومنجى ومخرجاً إن استطعتم.
قال تعالى:{أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}[الأنعام:٩٣]، وليس المقصود أنه ليس بعده عذاب، ولكن هذا أول مراحل العذاب.
ثم ذكر السبب فقال تعالى:{عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}[الأنعام:٩٣].
والاستكبار عن آيات الله أعظم الطرائق الموصلة إلى الضلالة، كما أن انقياد القلب للرب تبارك وتعالى واللين فيه أعظم ما يجعله سبباً في أن ينال الإنسان به رحمة الله تبارك وتعالى.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى ورحمتك التي وسعت كل شيء أن تهدينا أجمعين سواء السبيل، وأن تختم لنا بخير، وأن تجعل الجنة دارنا وقرارنا؛ إنك سميع مجيب.
وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.