هذه الآية مما يفتح لكل مسلم باب الترغيب في العمل الصالح؛ لأن الله جل وعلا ذكر فيها المهاجرين، وذكر الأنصار، وذكر جل وعلا التابعين لهم بإحسان، وهذا الوصف يدخل فيه كل مؤمن إلى يوم القيامة.
قال جل وعلا:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[التوبة:١٠٠]، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح قوله:(أمتي كالمطر لا يدرى خيره أوله أم آخره) والله يقول في الجمعة: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الجمعة:٣]، فباب الرحمة مفتوح، واللحاق بهؤلاء أمر مقدور عليه، وكان عمر رضي الله تعالى عنه يظن أن هذا محال، وكان يقرأ هذه الآية هكذا:(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان) فأصبح فيها على قراءة عمر فريقان: الأنصار والمهاجرون، فلما قرأها على زيد -وكان زيد أعلم من عمر بالقرآن- قال: يا أمير المؤمنين! فيها واو.
فقال: ليس فيها واو.
ثم قال عمر: ادع لي أبياً.
يعني: أبي بن كعب، فصدق أبي قول زيد، وقرأها:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ}[التوبة:١٠٠]، فقال عمر رضي الله عنه: ما كنت أدري أن أحداً سيبلغ مبلغنا، يعني: ما كنت أظن أن الباب مفتوح.
ولكن رحمة الله واسعة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:(وددت لو أني رأيت إخواني، فقالوا: يا رسول الله! ألسنا إخوانك؟! قال: بل أنتم أصحابي، ولكن إخواني لم يأتوا بعد)، وهذا داخل فيه كل من اتبع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بإحسان.