ثم ذكر جل وعلا أعمال الجوارح فقال جل ذكره:{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[الأنفال:٣]، والصلاة أعظم ما افترضه الله جل وعلا على عباده وخلقه بعد الشهادتين، فبها يتقرب العبد إلى ربه، ولذلك فرضت الصلاة في رحلة الإسراء والمعراج، فلما كان صبيحتها -كما قال سعيد بن جبير وغيره- بعد أن زالت الشمس -أي: عند حلول وقت الظهر- نزل جبريل من السماء فأم النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت، فكانت أول صلاة صليت من الصلوات الخمس صلاة الظهر، وأم جبريل نبينا صلى الله عليه وسلم يومين متتالين، فصلى به الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر في أول وقتها، ثم صلى به كرة أخرى الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر في آخر وقتها، وقال له بعد ذلك -وهو يعلمه الصلاة-: ما بين هذين الوقتين، أي: ما بين هذين الوقتين وقت الصلوات.
والمؤمنون في الصلاة يختلفون، فمن الناس -والعياذ بالله- من لا يصليها، وهذا من المحال أن يطلق عليه أنه مؤمن ومن الناس -والعياذ بالله- من يصليها في بيته من غير عذر، ومنهم من يأتي إلى الجماعة، ومنهم من هو أرقى درجة وأرفع منزلة، يسابق إلى التكبيرة الأولى، فقد قال صلى الله عليه وسلم -كما عند الترمذي بسند حسنه العلامة الألباني رحمه الله-: (من صلى لله أربعين يوماً يدرك التكبيرة الأولى ـ أي: تكبيرة الإحرام ـ كتبت له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق)، وفقنا الله وإياكم لهذا العمل.