ثم قال الله جل وعلا:{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}[الأعراف:٥٠].
((وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ)) جعلنا الله وإياكم في هذه الحالة ممن ينادى لا ممن ينادي، فإن الله جل وعلا بقدرته يجعل لأهل النار اطلاعاً على أهل الجنة، فإذا رأوها كان أحوج ما يكون إليه أهل النار الماء، قال الله جل وعلا:((وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ)).
فيجيبهم أهل الإيمان:((قَالُواْ إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا)) أي: الماء والرزق.
((إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ)) فلا يوجد شيء يحتاجه أهل النار أول أمر أكثر من احتياجهم إلى الماء؛ لأنهم إذا استسقوا في النار سقوا ماء حميماً -كما قال الله:{فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}[محمد:١٥]، وقد أخذ العلماء من هذه الآية: أن من أفضل القربات إلى الله سقي الماء، وقد قال العلماء: إنه ثبت في الصحيح: (أن الله جل وعلا غفر لرجل؛ لأنه سقى كلباً) فكيف بمن سقى مؤمناً يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، ولما قيل لـ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: يا ابن عم رسول الله! ما أفضل الصدقة؟ قال: أن تسقي الماء، أين أنت من قول الله:((أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُواْ إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ)) {الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}[الأعراف:٥١] ثم ذكر الله بعضاً من نعوت الكافرين فقال: ((الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ))، وليس الله جل وعلا ينسى أبداً، قال سبحانه:{قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى}[طه:٥٢]، ولكن هذا في لغة العرب يسمى: المشاكلة في الكلام، وإنما يتركهم الله جل وعلا من غير نصرة ومن غير معين حتى يتساقطوا في جهنم.