[وقفة مع قول الله تعالى:(وأقم الصلاة طرفي النهار)]
٧ قال الله جل وعلا:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[هود:١١٤ - ١١٥].
هذه الآية مدنية، والمقصود منها كما قال أهل العلم: إن رجلاً من آحاد المسلمين في المدينة وقع في أمر يتعلق بالنساء دون الزنا، فقبل أو ضم -وما أشبه ذلك- امرأة محرمة، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فيما وقع منه تائباً نادماً، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ثم أنزل الله عليه هذه الآية، فقال صلى الله عليه وسلم:(أين الرجل؟ فقال: أنا يا رسول الله، قال: صليت العصر معنا؟ قال: نعم، قال: اذهب فقد غفر الله لك، ثم تلا هذه الآية:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[هود:١١٤ - ١١٥]).
إذاً: كلنا ذوو خطأ، ولا يخلو إنسان من معصية، ولا يذهب السيئات مثل الحسنات، وكل بني آدم الخيرون منهم يريدون التوبة، فإن أقبلت على الله جل وعلا وأنت تريد التوبة وغسل ما كان من الذنوب، فإنه لا يغسلها ويذهبها مع الاستغفار والتوبة أعظم من كونك تكثر من الحسنات؛ لأن الله يقول: وهو أصدق القائلين وأعلم بخلقه: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود:١١٤]، وهذا فسرته السنة.
فالحج يقول فيه عليه الصلاة والسلام:(من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، وقال عليه الصلاة والسلام:(الجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن من الذنوب، إذا اجتنبت الكبائر)، فالإنسان يكثر من عمل الصالحات، كلما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإن هذا كفيل برحمة الله أن يذهب السيئات ويطهر قلبه، ولابد من الميزان، فمن كثرت حسناته ترجح بسيئاته.
إذا وقعت في خطيئة أحسست فيها بالندم فليس الحل أن تخبر بها زيداً أو عمرو، وإنما الحل أن تكثر من فعل الخيرات، وعمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه راجع النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الحديبية، وقال:(علام نعطي الدنية في ديننا)، فكأنه أغلظ على نبينا صلى الله عليه وسلم، يقول عمر:(فما زلت أعمل لذلك اليوم)، يعني: أكفر عن تلك الخطيئة بأن أكثر من الصلاة والصيام والصدقة؛ رجاء أن يغفر عني ذنب ذلك اليوم.
فالمؤمن الذي يتبصر بالقرآن ويعمل به يأخذ بهذه الأمور، فيكثر من الحسنات رجاء أن يغفر الله جل وعلا له:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[هود:١١٤ - ١١٥].