فالله يقول في هذه الآية:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:٢٥٧].
فالله يجيب من سأله، ويعطي من طلبه، ويأوي من التجأ إليه، ومن حسن الظن بالله أن تعلم أن الله لا يضيع من لجأ إليه بالإكثار من صلاة الليل، والدعاء في ثلث الليل الآخر، والتضرع بين يدي رب العالمين، والتماس رحمة الله تبارك وتعالى، مع عدم اليأس والقنوط والإلحاح على الله جل وعلا، فذلك أعظم ما ينال به الإنسان خيري الدنيا والآخرة؛ فإن جعلت الله وليك بحق تولاك الله تبارك وتعالى، ومن تولاه الله لا يضيع، فعندما تردد مع أئمتك أو مع نفسك قول المؤمنين في دعائهم:(اللهم إنه لا يعز من عاديت، ولا يذل من واليت)، عندما تردد ذلك ردده وأنت تفقه معناه ولا يعجبك آخر التاءات والسجع فتنشغل به، بل انشغل بالكلام.
فحين تقول:(اللهم إنه لا يعز من عاديت)، تعلم أن من عادى الله لا يمكن أن تكتب له العزة مهما بلغ، ومن تولى الله جل وعلا فهو العزيز ولو أراد أن يذله الناس.
فقل ذلك في وترك وفي سجودك وفي أدبار الصلوات وأنت موقن به، والتمس من الله الرحمة والغفران وأن يكون وليك؛ فإن كان الله وليك فاعلم أنه لا يقدر على غلبتك أحد، وليس غلبتك أن تظهر منتصراً على أقرانك، ولكن العبرة بالمآل، والعبرة بالعاقبة، والعبرة بالوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى، والعبرة ألا تعض يديك يوم القيامة، يقول الله:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}[الفرقان:٢٧] فزوال الحسرة يوم القيامة أعظم المكاسب وأعظم المفاوز وأعظم الهبات وأعظم العطايا، وهذه لا يعطاها إلا من تولاه الله ممن {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[البقرة:٢٥٧] فالإنسان منهم حيران قد يكون مشكلاً عليه الأمر، فإذا لجأ إلى الله أنار الله له الطريق وأظهر الله جل وعلا له السبيل، وأنت لا تعلم الغيب، فقد يختار الله لك شيئاً لا تريده، ولكنه يتبين لك مع مرور الأيام وتوالي الأعوام أن ما اختاره لله لك خير مما اخترته لنفسك.