وقلنا: إن لفظ (الأميين) يطلق على العرب؛ لأن الأصل أن العرب أمة لا تقرأ ولا تكتب، قال صلى الله عليه وسلم:(إننا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر، هكذا)، وأخذ صلى الله عليه وسلم يشير بأصابع يديه ليفهم من حوله.
والنبي عليه الصلاة والسلام قد نعت في القرآن بأنه نبي أمي، قال شوقي: يا أيها الأمي حسبك رتبة في العلم أن دانت بك العلماء وبُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم أمياً ليقطع الله جل وعلا ألسنة المشككين وشبه المعاندين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بالقرآن من عند ربه بأبلغ وأعظم عبارة وأجل كلام، فلو كان عليه الصلاة والسلام يكتب من قبل لقال عنه الكفار: إن هذا الكتاب الذي جاء به قد أخذه عن غيره؛ لأنه يقرأ ويكتب، فما زال يطالع أربعين سنة ثم بعد أربعين سنة من المطالعة والقراءة والكتابة والاستكتاب خرج إلينا بهذا القرآن، فبعث الله جل وعلا نبيه أمياً لا يقرأ ولا يكتب، وقال الله سبحانه:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا}[العنكبوت:٤٨] يعني: لو كنت تقرأ وتكتب {لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}[العنكبوت:٤٨]، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، وهذا من فضل الله جل وعلا عليه.
فالأمية في حقه صلى الله عليه وسلم منقبة، وفي حق غيره مثلبة، إذ يحسن بالرجل أن يقرأ ويكتب، ولذلك قال الله:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:١]، فلا يأتي إنسان ويقول: نحن ننتسب إلى أمة أمية فلا حاجة بنا إلى أن نقرأ وأن نكتب، لا يقال ذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام جعله الله أمياً ليقطع على يديه ألسنة المعاندين، أما نحن ففي حاجة ملحة إلى أن نقرأ ونكتب ونزداد علماً.
وليس الأمية المقصود بها النبي عليه الصلاة والسلام عدم العلم، وإنما هي القراءة والكتابة، وأما العلم فشيء آخر، فقد يكون من العلماء من لا يقرأ ولا يكتب يأخذ علمه بالتحصيل ويعطيه بالتلقين.
ثم قال سبحانه:{وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:٧٥]، أي: يعلمون أنه لهم وعليهم في الأميين سبيل.