تفسير قوله تعالى:(ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً)
{وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:٨٠]، الواو هنا عاطفة على الصحيح، والمعنى: أن هذا النبي يقول لقومه: إن الله لا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، ذلك أن لب دعوة الرسل هي إقامة التوحيد، فلو جاء نبي وطلب من الناس أن يعبدوا الملائكة ويعبدوا النبيين لخالف هذا جوهر الرسالة التي بعث من أجلها، فما أنزل الله الكتب ولا بعث الله الرسل ولا نصب الله الموازين ولا أقام البراهين إلا ليعبد وحده دون سواه، فهذا كان بدهياً أن الأنبياء والمرسلين يأمرون الناس بأن يفروا من العبودية إلى أن يعبدوا الله جل وعلا لا رب غيره ولا إله سواه.
والناس إذا علموا الكتاب وعلموا الحكمة تحركت الفطرة التي في أنفسهم وأصبحت مقبلة على الله، فكيف يعقل من هذا النبي بعد أن أسلم الناس وأصبحوا مقبلين على ربهم جل وعلا أن يطلب منهم أن يعبدوا الملائكة أو أن يعبدوا النبيين؟! فهذا لا يمكن أن يقع، كما قال الله:{مَا كَانَ}[آل عمران:٧٩] أي: ما ينبغي ولا يمكن أن يقع {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:٧٩ - ٨٠].