قال الله جل وعلا:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن:٤٦ - ٤٧]، وهذه الآية مر معنا بعض تفسيرها لكن نفسرها إجمالاً: ذكر الله هنا أربع جنان وجعلهما قسمين، فقال في الأولى:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن:٤٦]، ثم قال بعدها:{وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}[الرحمن:٦٢]، وهنا من دونهما يعني: أقل منهما، وليس في الجنة أقل، فيقال: أقل منهما ثم يقال تأدباً: وليس في الجنة أقل.
ثم قال عن الأولى:{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}[الرحمن:٤٨]، وقال عن الثانية:{مُدْهَامَّتَانِ}[الرحمن:٦٤] أي: أنهما خضراوان تميلان إلى السواد، وأما {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}[الرحمن:٤٨] فمعناها: أنهما متنوعتا الأفانين، والأفضل هي المتنوعة.
ثم قال جل وعلا في الأولى:{فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}[الرحمن:٥٠]، وقال في الثانية:{فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ}[الرحمن:٦٦]، وجري الماء أعظم من كونه ينضخ ويفور شيئاً يسيراً.
وقال في الأولى:{فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}[الرحمن:٥٢]، وقال في الثانية جل وعلا:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}[الرحمن:٦٨]، ففي الأولى أطلق وفي الثانية قيد.
وقال جل وعلا في الثانية:{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ}[الرحمن:٧٠]، وقال في الأولى:{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}[الرحمن:٥٤]، والجنى هو الثمار، وجان بمعنى: قريب، بحيث إن الإنسان لا يتكلف أي كلفة حتى يصل إليها، بل ورد أنه إذا قطفها جاءت أختها بدلاً منها، فلا يدري أهو قطفها أو لا، قال الله جل وعلا:{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:٢٥].