كما خص الله جل وعلا إبراهيم باللين، فقد كان عليه السلام لين القلب مع الناس، كما قال الله جل وعلا:{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[إبراهيم:٣٦].
وهذا دلالة على لينه، والنبي عليه الصلاة السلام كما في الصحيح وغيره (لما أسر أسارى بدر استشار أبا بكر وعمر فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله أهلك وقومك، فاستأن بهم وأرفق، واستبقهم على الله أن يهديهم، ثم استشار عمر فقال رضي الله عنه: يا نبي الله كذبوك وأخرجوك فقربهم واضرب أعناقهم، فدخل صلى الله عليه وسلم خيمته ولم يقل شيئاً ثم خرج، ثم قال عليه الصلاة السلام: إن الله ليلين قلوب عباد فيه، حتى تكون ألين من اللبن، وليشدد على قلوب عباد فيه -يعني من أجل الله- حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم إذ قال:{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[إبراهيم:٣٦].
ثم قال: وأنت يا عمر مثلك كمثل نوح إذ قال: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}[نوح:٢٦].
وكمثل موسى إذ قال:{وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ}[يونس:٨٨]).
فمنهج نوح موافق لمنهج موسى، ومنهج إبراهيم موافق لمنهج عيسى، والصديق رضي الله عنه كان له سلف، وهما إبراهيم وعيسى، وعمر رضي الله تعالى عنه كان له سلف، وهما نوح وموسى.