ثم قال الله تبارك وتعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}[النحل:٥٦ - ٥٧].
في كلام العرب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: إيجاز ومساواة وإطناب.
فالإيجاز هو الاختصار، والمساواة أن يكون الكلام متوازناً لا زيادة فيه ولا نقصان، والإطناب أن يكون هنا كلام زائد، وأحياناً يكون الإيجاز محموداً، وأحياناً تكون المساواة محمودة، وأحياناً يكون الإطناب محموداً.
فهذه الآية فيما إطناب محمود، حيث يقول تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}[النحل:٥٧]، فكلمة (سبحانه) جاءت اعتراضية زائدة، فالإطناب هنا محمود؛ لأنه ينزه مقام الرب عما نسبه الكفار إليه.
والأصل:(يجعلون لله البنات ولهم ما يشتهون)، ولكن ذكر الله هنا كلمة (سبحانه) تنزيهاً لذاته العلية.
وكلمة (ولد) تطلق في اللغة على الابن والبنت، فكفار قريش ارتكبوا حماقتين في حق الله تعالى: الحماقة الأولى: أنهم نسبوا إليه الولد.
والحماقة الثانية: أنهم اختاروا له أنقص الولد، وهو البنت، فهم ينزهون أنفسهم عن البنات ومع ذلك ينسبون البنات إلى الرب تبارك وتعالى.