ثم قال الله:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[التوبة:٦١].
إنه إذا كان المسلم مطالباً بأن يؤمن ويحب ويوالي ويناصر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما بالك بمن يؤذيه عليه الصلاة والسلام؟! فأذيته عليه الصلاة والسلام وانتقاصه حياً أو ميتاً ولو بمقدار شعرة مع اعتقاد ذلك كفر مخرج من الملة يقتل صاحبه ولو تاب، ويهرق دمه، ولكن يقيمه ولي أمر المسلمين، وأمره إلى الله تبارك وتعالى إن صدق في توبته أو لم يصدق، ولكن لو أظهر صدق التوبة فإنه يقام عليه الحد ويقتل إذا انتقص من نبينا صلى الله عليه وسلم.
وسند العلماء في هذا أنه أخرج أبو داود بسند صحيح من حديث ابن عباس أن رجلاً أعمى كانت له أم ولد تقوم برعايته، وأنجب منها طفلين، وكانت هذه المرأة تحبه رغم أنه أعمى، وكانت شفيقة به رفيقه تقدم له كل شيء، إلا أنها كانت تقع في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هذا الأعمى ينهاها فلا تنتهي، فوجدت هذه المرأة ذات مرة مقتولة قد بقر بطنها ولطخ دمها الجدار، فقام صلى الله عليه وسلم خطيباً في الناس، فقال:(أنشد الله رجلاً لي عليه حق ويعلم عن هذا الأمر شيئاً إلا أخبرنا به)، فقام هذا الأعمى من آخر المسجد يقطع الصفوف ويضطرب في مشيته حتى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! أنا صاحبها، أنا قتلتها، فتعجب منه صلى الله عليه وسلم وقال: ولم؟ قال: إنها كانت تقع فيك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، فوقعت فيك البارحة فنهيتها فلم تنته، وزجرتها فلم تنزجر، ثم ذكر قصته أنه قام إلى المعول -والمعول: السيف القصير- فأخذه وأتاها وهو أعمى لا يراها، حتى علم أنه أصاب بطنها، فاتكأ على المعول حتى بقر بطنها وقتلها، فلما أتم حديثه قال صلى الله عليه وسلم:(اشهدوا أن دمها هدر).
فمن هذا الحديث وغيره من الأحاديث أخذ العلماء أنه لا تجوز أبداً أذيته صلوات الله وسلامه عليه.
والذي يعنينا هو أن الله توعد بالعذاب الأليم من يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.