لا شيء أعظم من أن يفتري الإنسان على الله الكذب، ولذا قال تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}[الأنعام:٩٣]، أي: لا أحد أعظم جرماً ممن يفتري الكذب على الله، وليس بمعقول أن يأتي إنسان ينتسب إلى الملة ويفتري على الله الكذب، فحاشاكم من ذلك بإذن الله.
والمقصود ترك الجرأة والقول على الله بلا علم، كما قال تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}[النحل:١١٦]، فهذا الذي يعنينا، ولكن الآية المخاطب بها في الأصل كفار قريش، وكانوا يكذبون على الله ويفترون على الله الكذب، وينسبون إلى الله جل وعلا ما لم يقله الله ولم ينزله على أحد.
فأخبرهم الرب جل وعلا بأن هذا ظلم شنيع، وأنه لا أحد أعظم فرية من ذلك، فقال:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ}[الأنعام:٩٣]، ويدخل في هذا مسيلمة ويدخل فيه الأسود العنسي.