ففي اللغة إفراد وجمع، وغالب استعمال القرآن إذا وجد مفرد مقابل جمع أن يقابل بين فاضل ومفضول، أو بين حق وباطل، وتأمل القرآن، فالله يقول:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ}[الأنعام:١] فجمع الظلمات وأفرد النور، وقال في النحل:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ}[النحل:٤٨] فأفرد اليمين وجمع الشمائل؛ لأن اليمين أفضل من الشمائل، وهنا قال:{يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[البقرة:٢٥٧] فجمع الظلمات وأفرد النور، وقال سبحانه:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام:١٥٣] فجمع السبل، وأفرد صراط الله، ذلك أن الحق واحد والكفر أجناس متعددة يجمعها الباطل.