وأصل الغرم في اللغة: اللزوم، كما قال الله تعالى عن جهنم أعاذنا الله وإياكم منها:{إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}[الفرقان:٦٥] يعني: لازماً لأصحابه.
والغارم هو من عليه الدين، والغريم هو الذي له الدين، ويسمى غريماً لأنه ملازم للمدين، والدين عند العرب وأهل العقل والفضل هم بالليل وذل بالنهار، وقالوا: إن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رأى رجلاً متقنعاً -أي: متلثماً- فقال له: أما بلغك أن لقمان الحكيم يقول: إن التقنع تهمة بالليل أو ريبة بالنهار؟! أو قال كلمة نحوها تذم التقنع، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين! إن لقمان لم يكن عليه دين.
فهذا كان يتقنع حتى لا يراه أصحاب الدين، ولذلك قال الفقهاء: إن من كان عليه دين وكان يخشى من غرمائه في المسجد تسقط عنه صلاة الجماعة.
والغارم في الشرع قسمان: غارم لنفسه وغارم لغيره، فالغارم لنفسه هو من يستدين لمصلحة نفسه، كمن يريد أن يتزوج، ومن يريد أن يطلب علماً، ومن يريد أن يبني بيتاً، ومن يريد أن يؤثث بيته، فهذا غارم لنفسه.
وأما الغارم لغيره فهو رجل جاء إلى قوم قد صار بينهم شجار واقتتال وفساد في أموال، فأصلح بينهم وتكفل بإصلاح ما أفسدته الخصومة بين الفريقين، فغرم أموالاً، فأخذ يطلبها من الناس، فهذا غارم لغيره وليس غارماً لنفسه.
وكلا الصنفين يعطى من الزكاة، بالقدر الذي يحتاج إليه، وقد قال العلماء: إن الإسلام حث على اجتناب الدين، ومن الدلائل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي على من عليه دين، حتى فتح الله جل وعلا الفتوح، وأخبر بأن الشهادة -وهي من أعظم القربات-: تكفر الذنوب إلا الدين، وقال:(أخبرني به جبريل آنفاً).
والعلماء يقولون: إن الإنسان إذا كان يستدين ترفاً فلا يعطى من الزكاة، كإنسان راتبه أربعة آلاف ريال، فكونه تكون له سيارة حق من حقوقه، ولا يخرج عن كونه فقيراً، فلو استدان ليشتري سيارة فارهة جداً لا يركبها أمثاله فهذا دين للترف، فمثل هذا لا يعطى من الزكاة.