الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فقد كنا بدأنا بسورة الفاتحة، ثم بدأنا بسورة البقرة، وبعد أن أخذنا مقاطع من آيات منها انتقلنا إلى الجزء الثالث في قول الله تعالى:(تلك الرسل).
والسبب في هذا الانتقاء هو المرور بأهم ما في السورة حتى نخرج جميعا بفائدة جمة، فيكون القارئ قد مر على شيء من سورة البقرة، وعلى شيء من سورة آل عمران، وعلى شيء من النساء، وهكذا.
وبعد أن اتضح المنهج نقول: إن الآيات المختارة في هذا الدرس من سورة آل عمران هي من قول الله عز وجل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}[آل عمران:٦٠] إلى قول الله عز وجل: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران:٦٨].
قال العلماء: إن من أعظم علوم القرآن أن يعلم أن القرآن نزل لدفع شبه الظالمين، وإبطال عناد المعاندين، وإثبات البراهين العقلية الموافقة للأدلة النقلية، فهذا من أعظم علوم القرآن.
وقالوا: إن هذا الفن لا يدركه إلا الجهابذة العلماء المستبصرون الذين من الله جل وعلا عليهم بإدراك مغازي كتابه، جعلنا الله وإياكم منهم وألحقنا بهم وإن لم نكن لذلك بأهل.