تفسير قوله تعالى:(إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً)
ثم قال سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[آل عمران:٧٧].
إن الناس يتعاملون بالمال، فحب الدنيا العاجل يدفع البعض -والعياذ بالله- إلى أن يحلف كذباً حتى ينال شيئاً من حطام الدنيا الزائل، وهذا أكثر ما يكون في التجار، وهو -وإن كان في اليهود أظهر- ليس مختصاً بهم وحدهم، وإنما يكون في كل صاحب سلعة في الغالب يريد أن ينفقها، ويكون في غير أصحاب السلع.
والمعنى: أن الحلف بالله شيء عظيم، وإعطاء العهد بالله تبارك وتعالى شيء أعظم، فإذا كان الإنسان يبيع هذين -العهد والحلف بالله- من أجل أن يشتري شيئا من الدنيا يعلم أنه زائل كذباً وميناً وزوراً فقد توعده الله جل وعلا بروادع وزواجر عدة، من أهمها أن الله جل وعلا لا يجعل له في الآخرة حظاً ولا نصيباً، وهذا معنى قول الله:{لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ}[آل عمران:٧٧]، فالخلاق هنا بمعنى: الحظ والنصيب، فلا حظ لهم ولا نصيب {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ}[آل عمران:٧٧]، وهذا -والعياذ بالله- منتهى الحرمان {وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران:٧٧]، وهذا أشد {وَلا يُزَكِّيهِمْ}[آل عمران:٧٧]، أي: ولا يطهرهم، وتطهير الله لعباده يكون بغفران ذنوبهم وستر معايبهم {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[آل عمران:٧٧].