للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان المراد باتخاذ الأرباب من دون الله]

وقوله تعالى: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران:٦٤] هذا من بديع أسلوب القرآن؛ لأنه قوله: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا} [آل عمران:٦٤] دلالة على أننا كلنا من جنس واحد، فكيف يعقل -ونحن متفقون على أننا من جنس واحد- أن يصبح بعضنا آلهة خالقة وبعضنا مخلوقي، نف هذا لا يستقيم بالعقل ولا بالنقل.

ولم يقع أنهم كان يعبد بعضهم بعضا بالسجود والركوع والصلاة، وإنما كان يعبد بعضهم بعضا بطريقة أخرى، وهي أن أحبارهم ورهبانهم يحرمون ما أحل الله فيحرمه الأتباع، ويحلون ما حرمه الله فيحله الأتباع، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (فتلك عبادتهم) قال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة:٣١] فقال النبي عليه الصلاة والسلام لـ عدي بن حاتم (أليسوا يحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟! قال: بلى، قال: أو ليسوا يحلون ما حرم الله فتحلونه؟! قال: بلى.

قال: فتلك عبادتهم)، فهذا معنى قول الله: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران:٦٤].

ومن هنا نعلم أن التشريع لله تعالى وحده، وأنه صلوات الله وسلامه عليه إنما هو مجرد مبلغ، فمن الله التشريع وعلى الرسول البلاغ، وعلينا السمع والطاعة؛ لأننا عبيد مخلوقون لله تبارك وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>