ولم يقل: أنا لم أقله، بل قال تأدباً مع ربه:{إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}[المائدة:١١٦]، وهذا الجواب لا يكون إلا مع الله، فلا يصح أن تجيب أحداً من الناس بهذا الجواب، فهذا الجواب لا يمكن أن يكون إلا مع الله، وأما مع الناس فتقول: لم أقله، أو تقول: قلته، وتقول: ذهبت إلى مكان كذا أو: لم أذهب لمن سألك: ذهبت أو لم تذهب؟ ولا يعقل أن تقول له: إن كنت ذهبت فأنت تعلم أني ذهبت! فهذا جواب لا يقال إلا لله.
قال تعالى عنه:{إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[المائدة:١١٦] وهذه واضحة لا تحتاج إلى بيان، {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}[المائدة:١١٦]، فما من غيب إلا والله جل وعلا يعلمه، كما قال لقمان لابنه:{يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[لقمان:١٦].