قال الله:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}[النحل:١٢٧]، ولماذا لا يكون في ضيق؟ لأن الآية التي بعدها تقول:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:١٢٨]، وهذه معية خاصة، ومعية الله العامة لكل خلقه في اطلاعه جل وعلا على ما يصنعون، وعلمه تبارك وتعالى وقدرته عليهم، وإحاطته بهم، فهذه لكل الخلق، وأما هذه فهي معية خاصة، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا}[النحل:١٢٨] بتأييده ونصره وفضله وإحسانه تبارك وتعالى وغير ذلك، وكل عبد في فقر ملح إلى نصرة الرب تبارك وتعالى.
قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:١٢٨]، والتقوى والإحسان درجتان في العبادة، والتقوى لا تكون إلا من قلب يعرف الله أولاً، ويحب الله ثانياً، ثم يرجو الله ويخافه، فمن عرف الله -ولا بد من معرفة الله- ثم أحب الله ثم رجاه ثم خافه رزق التقوى.
قال العلماء: التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله، فإذا رزق الإنسان التقوى أمنه الله جل وعلا مما يخاف، وآتاه الرزق من حيث لا يحتسب، وكفاه الله جل وعلا شر ما يهمه:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق:٢ - ٣].
هذا ما تيسر إيراده وتهيأ قوله حول سورة النحل، نسأل الله جل وعلا لنا ولكم النفع، والله أعلم.