للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والفاجر، قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} (١) الآية (٢)، فهذا عام في حق كل داع أصابه ضر كما هو الواقع، وهذه الإنابة لا تستلزم الإسلام بل تجامع الشرك والكفر كما قال تعالى في حق هؤلاء {ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} (٣) فهذا حالهم بعد إنابتهم.

والإنابة الثانية إنابة [الأولياء] وهي إنابة لإلهيته عبودية ومحبة وفي اللفظة معنى الإسراع والرجوع والتقدم فالمنيب إلى الله المسرع إلى مرضاته الراجع إليه كل وقت المتقدم إلى محابه ثم نزل القلب منه منزلة التذكير (٤) اهـ.

فائدة: الناس في التوبة على أقسام، فمنهم من لا يوفق لتوبة نصوح بل [يتيسر له عمل السيئات] من أول عمره إلى آخره حتى يموت مصرا عليها، وهذه حالة الأشقياء وأقبح من ذلك من يُسِّر له من أول عمره عمل الطاعات ثم ختم له بعمل سيء حتى مات عليه كما في الحديث الصحيح (٥): إن أحدكم ليعمل عمل أهل الجنة الحديث. وقسم يفني عمره في الغفلة والبطالة ثم يوفق لعمل صالح فيموت عليه وهذه [حالة] من عمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة


(١) سورة الروم، الآية: ٣٣.
(٢) سورة الروم، الآية: ٣٣.
(٣) الروم: ٣٣ - ٣٤.
(٤) مدارج السالكين (١/ ٤٣٣).
(٥) صحيح البخاري (٧٤٥٤)، وصحيح مسلم (١) (٢٦٤٣).