للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

موته والأول بمنزلة من يتوب في صحته وقوته وشبيبته لكن ملك الملوك [جل جلاله وعزّ سلطانه] أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وكل خلقه أسير في قبضته لا يعجزه هارب ولا يفوته ذاهب ومع هذا فكل من طلب من عذابه من عباده أمنه على أي حال كان إذا علم منه الصدق في طلبه. شعر:

الأمان الأمان وزري ثقيل ... وذنوبي إذا عددت تطول

أوبقتني وأوثقتني ذنوبى ... فتُرى لي إلى الخلاص سبيل

وقوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} (١) الآية، المراد بالتوبة عند الموت التوبة عند انكشاف الغطاء ومعاينة المحتضر أمور الآخرة ومشاهدة الملائكة فإن الإيمان والتوبة وسائر الأعمال إنما تنفع بالغيب فإذا كشف الغطاء وصار الغيب شهادة لم ينفع الإيمان ولا التوبة في تلك الحال.

وروى ابن أبي الدنيا (٢) بإسناده عن علي - رضي الله عنه - قال لا يزال العبد في مهل من التوبة ما لم يأته ملك الموت يقبض روحه فإذا نزل ملك الموت فلا توبة حينئذ. وبإسناده عن الثوري قال: قال ابن عمر (٣) التوبة مبسوطة ما لم ينزل سلطان الموت، وعن الحسن - رضي الله عنه - قال التوبة معروضة لابن آدم ما لم يأخذ الموت بكظمه، وعن بكر المزني قال (٤) لا تزال التوبة للعبد مبسوطة ما لم


(١) سورة النساء، الآية: ١٨.
(٢) محمد بن مفلح المقدسي الفروع وتصحيح الفروع (٤/ ٤٩٧).
(٣) محمد بن مفلح المقدسي الفروع وتصحيح الفروع (٤/ ٤٩٧).
(٤) عزاه السيوطي في شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور (ص ٩٦). لابن أبي الدنيا.