للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزهد (١)، وقال حديث صحيح. هذا حديث جامع لأنواع من الخير لأن الإنسان إذا رآى من فضل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه وهذا هو الموجود في غالب الناس.

وأما إذا نظر في أمر الدنيا إلى من هو دونه فيها ظهرت له نعمة الله تعالى فشكرها وتواضع حصل له الخير كله والله أعلم. ويروى عن عون بن عبد الله بن عتبة قال (٢): صحبت الأغنياء فلم أر أحدًا أكثر هما مني أرى دابة خيرا من دابتي وثوبا خيرا من ثوبي، وصحبت الفقراء فاسترحت، [انتهى]، قاله الترمذي. وعقّب [هذا] البغوي في شرح السنة بقوله: قال أنس (٣): رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذ أمير المؤمنين قد رقع بين كتفيه برقاع ثلاث لبّد بعضها فوق بعض، وعن الحسن (٤) قال خطب عمر وهو خليفة وعليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة، اهـ. وتقدم أحاديث نحو هذا في كتاب اللباس والله أعلم.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تستخلقي ثوبا حتى ترقعيه" تستخلفي، روي بالقاف أي لا تعدينه خلقا، وروي بالفاء من استخلفه أي طلب له خلفا أي عوضا، والله


(١) علقه عقب (١٧٨٠) ووصله في (٢٥١٣)، وقال: هذا حديث صحيح.
(٢) سنن الترمذي (٤/ ٢٤٥)، وحلية الأولياء (٤/ ٢٤٢)، وشرح السنة (١٤/ ٢٩٥).
(٣) موطأ مالك (١٦٣٨)، والطبقات الكبرى (٣/ ٣٢٧)، الزهد لأبي داود (ص ٦٠).
(٤) الزهد لابن المبارك (٩٦٤)، والطبقات الكبرى (٣/ ٣٢٨).