للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأن المؤمن مسافر عليها إلى الآخرة، وهذا يقتضي المنع من سب الدنيا ولعنها. فإن قيل كيف الجمع بينهما.

قال العلماء: [وجه] الجمع بينهما أن المباح لعنه من الدنيا ما كان منها مبعدا عن الله وشاغلا عنه، كما قال بعض السلف كل ما شغلك عن الله من مال أو ولد فهو عليك مشئوم، وهو الذي نبّه سبحانه وتعالى على ذمه بقوله: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ} (١)، الآية. وأما ما كان من الدنيا يقرب من الله تعالى ويعين على عبادته فهو المحمود بكل لسان والمحبوب لكل إنسان، فمثل هذا لا يُسبّ بل يرغّب فيه ويُحبّ وإليه الإشارة بالاستثناء، حيث قال: "إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم" وهو المصرح به [في] قوله: نعم مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر، وبهذا يرتفع التعارض بين الحديثين والله أعلم.

٤٩٠١ - وعن المستورد أخي بني فهر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم اصبعه في هذه اليم، وأشار يحيى بن يحيى بالسبابة، فلينظر بم يرجع؟ رواه مسلم (٢).

قوله: "وعن المستورد أخي بني فهد" المستورد هو ابن شدّاد بن عمرو القرشي الفهري له ولأبيه صحبة، سكن الكوفة روى عنه البصريون والكوفيون والمصريون وغيرهم، استشهد به البخاري في الصحيح، [وروى]


(١) سورة محمد، الآية: ٣٦.
(٢) صحيح مسلم (٥٥) (٢٨٥٨).