للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغيره، ولكن هذه الأحاديث لا يصح الاستدلال منها على نسخ تقدير الهلال والحساب بمنازل القمر إذا غم ليلة الثلاثين، وذلك لما يلي:

أ- لأنه مخالف لحديث ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إِنَّا أُمّة أُمِّيَّة لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا» يعنى مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين (١).

فإن ظاهره يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً، ويؤيده قوله: (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين). فيثبت من مجموع الحديثين أن تعليق الحكم بالرؤية أمر ابتدائيّ، لا أنه بعد الأمر بالحساب بمنازل القمر (٢).

ب-إنه لا يوجد دليل على أن هذه الأحاديث بعد حديث ابن عمر الذي يُستدل منه على تقدير الهلال بالمنازل إذا غمّ ليلة الثلاثين، والنسخ لا بد فيه من تأخر الناسخ (٣).

ج-إن الأحاديث الدالة على إكمال العدد إذا غم الهلال مفسرة لحديث: «فإن غُمّ عليكم فاقدروا له»، وليس بينهما تعارض حتى تكون تلك الأحاديث ناسخة له (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٣٧٧، كتاب الصوم، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا نكتب ولا نحسب)، ح (١٩١٣)، ومسلم في صحيحه ٤/ ٤١٦، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، ح (١٠٨٠) (١٣).
(٢) انظر: فتح الباري ٤/ ١٥٢؛ مرقات المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ٤/ ٤٦٤.
(٣) فإن تأخر الناسخ شرط لصحة النسخ. انظر: البحر المحيط للزركشي ٥/ ٢١٦؛ إرشاد الفحول ٢/ ٥٥.
(٤) انظر: صحيح ابن خزيمة ٢/ ٩٢٠؛ الاستذكار ٣/ ١٦٠؛ مواهب الجليل ٣/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>