للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينشد إذ طلع الأنصاري حتى إذا انتهى إلينا سلم علينا إلخ الخبر» (١).

وأذكر لك أيضًا خبرًا شبيهًا بهذا عن جرير، قال صاحب الأغاني (٢): «أخبرن يعلى بن سليمان قال حدثنا أبو سعيد السكري عن الرياشي عن الأصمعي، قال: وذكر المغيرة بن حجناء قال حدثني أبي عن أبيه قال كان راعي الإبل يقضي للفرزدق على جرير ويفضله وكان راعي الإبل قد ضخم أمره، وكان من شعراء الناس. فلما أكثر من ذلك خرج جرير إلى رجال من قومه فقال هلا تعجبون لهذا الرجل الذي يقضي للفرزدق علي وهو يهجو قومه وأنا أمدحهم. قال جرير فضربت رأيي فيه. ثم خرج جرير ذات يوم يمشي ولم يركب دابته، وقال والله ما يسرني أن أعلم أحدًا. وكان لراعي الإبل والفرزدق وجلسائهما حلقة بأعلى المربد بالبصرة يجلسون فيها. فخرجت أتعرض له لألقاه من حيال حيث كنت أراه يمر إذا انصرف من مجلسه. وما يسرني أن يعلم أحد. حتى إذا هو قد مر على بغله وابنه جندل يسير وراءه على مهر له أحوى محذوف الذنب وإنسان يمشي معه يسأله عن بعض السبب. فلما استقبلته قلت مرحبًا بك يا أبا جندل. وضربت بشمالي على معرفة بغلته. ثم قلت أبا جندل: إن قولك يستمع، وإنك تفضل الفرزدق علي تفضيلاً قبيحًا، وأنا أمدح قومك وهو يهجوهم وهو ابن عمي ويكفيك من ذلك إذا ذكرنا أن تقول كلاهما شاعر كريم ولا تحتمل مني ولا منه لائمة. قال فبينا أنا وهو كذلك واقف علي وما رد علي بذلك شيئًا حتى لحق ابنه جندل، فرفع كرمانية معه فضرب بها عجز بغلته، ثم قال لا أراك واقفًا على كلب من بني كليب كأنك تخشى منه شرًا أو ترجو منه خيرًا. وضرب البغلة ضربة فرمحتني رمحة وقعت منها قلنسوتي. فوالله لو يُعرج علي الراعي لقلت سفيه غوى يعني جندلاً ابنه، ولكنه والله ما عاج علي، فأخذت قلنسوتي فمسحتها ثم


(١) الأغاني ١٩/ ٣٨ - ٣٩ وفيه قاتل الله الأنصار ولا يستقيم المعنى بذلك إنما الصواب المفرد.
(٢) نفسه ٧/ ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>