وأشعر منها نفسًا عندي كلمته الفائية التي قالها وهو عبد مملوك لا يعترف به، في زوج أبيه سمية:
أمن سمية دمع مذروف ... لو أن ذا منك قبل اليوم معروف
وقد سبق أن استشهدنا بها في المرشد الأول. وقد ذكرها أبو العلاء في رسالة الغفران ووقف عندها شيئًا.
فممن برزوا في الفروسية ولم يكونوا من حاق الشعراء بسطام بن قيس وعتيبة ابن الحرث بن شهاب وربيعة بن مكدم، وجماعة كثيرون.
ويبدو أن تحجر مذهب الفروسية وانحيازه إلى مذهب السيادة بوجه عام، وما صحب ذلك من التزام سمت المظهر وقيوده، جعل يسوء الشعراء منذ عهد بعيد. وعسى إن كان انحراف المهلهل إلى أن يكون زير نساء، قبيل نهوضه بثأر كليب، واستصحاب امرئ القيس للشذان والخلعاء وطلبه للإباحة، وعرام طرفة بن العبد، واختصاره مذهب الحياة والفروسية كله في قوله:
فلولا ثلاث هن من عيشة الفتى ... وجدك لم أحفل متى قام عُودي
وكري إذا نادى المضاف مُجنبًا ... كسيد الغضى نبهته المتورد
وتقصير يوم الدجن والدجن مُعجب ... ببهكنة تحت الطراف المُعمد
عسى إن كان ضربًا من ثورة الشعراء على «تحجر» أدب الفرسان والفروسية. ولقد كان عروة بن الورد سيدًا فارسًا إلا أن طبع الشاعر كان أغلب عليه وثورته على تقاليد السيادة والفروسية هي التي دفعته فيما أرى إلى التماس مذهب آخر أشد طلاقة وحرية، في صحبة الصعاليك وتجهيزهم بما يحتاجون إليه من