وقد وهم صاحب الخزانة فأنكر أن يكون هذا من قول امرئ القيس وقال:«وهذا أشبه بكلام اللص والصعلوك لا بكلام الملوك»، ونفس امرئ القيس في هذا الكلام غير خاف، ولذلك أثبته له في المعلقة من صيارفة الكلام الأوائل أبو سعيد السكري وكان شديد التحري، وذكر صاحب الخزانة أن الرواة رووا هذه الأبيات لتأبط شرًا، منهم الأصمعي وأبو حنيفة الدينوري في كتاب النبات وابن قتيبة، ولعمري إن قوله «على كاهل مني ذلول مرحل» أشبه بامرئ القيس وكأنه يشعرنا بأنه قد راض نفسه رياضة على أسلوب الصعاليك حتى ذل كاهله لحمل القربة وعصامها. وكذلك قوله «كالخليع المعيل» والبيت الأخير لا يقع مثله عند تأبط شرا بحال وهو أشبه شيء بكلام امرئ القيس، وأما قوله:
فقلت له لما عوى إن شأننا ... قليل الغنى إن كنت لما تمول
فهو لا يشبه كلام تأبط شرًا هو القائل:
سدد خلالك من مال تُجمعه ... حتى تلاقي الذي كل امرئ لاقى
ولا يشبه في ظاهره مطالب امرئ القيس الذي إنما كان يزعم أنه يريد الملك والثأر لا المال، وهو القائل:
فلو إنما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكن الحوار شبيه بالذي يقع عند امرئ القيس. وقوله فقلت له لما عوى إلخ. فيه أصداء من قوله:
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازًا وناء بكلكل
والراجح عندي أن طريقة الخطاب منها تقليد من امرئ القيس لما كان يتداوله الخلعاء واللصوص الذين صحبهم، من ضروب القول والآمال. ولم يكن صعاليك امرئ القيس أصحاب قصيد ومُثل عليا كتأبط شرا والشنفري. وأذن لقد