للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذكور دون الإناث، إذ حياة الصحراء حياة حرب ونضال تؤثر القوي القادر، على الضعيف العاجز، وغير خاف غناء الرجل في هذا الباب وضعف المرأة.

وقد احتالت العرب على استبقاء الذكور بالفدية، ثم استبدلت تضحيتهم مرة واحدة بضحايا الأنعام والبهائم. ويبدو أن طريقة تضحية الذكور كانت الذبح على الصفا. وفي خبر حروب قيس صدر الإسلام ما يشهد بذلك إذ أخذوا بعض أبناء الكلبيين يذبحونهم على الصفا (١). وقال الشاعر (٢):

لعمري أنني وأبا رباح ... على طول التجاوز منذ حين

ليُبغضني وأُبغضه وأيضًا ... يراني دونه وأراه دوني

فلو أنا على حجر ذُبحنا ... جرى الدميان بالخبر اليقين

فهو كما ترى ههنا يذكر الذبح على الحجر. وفي خبر سيدنا إسماعيل في سورة الصافات: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)}.

وسياق الآيات كما ترى يدل على أن حديث سيدنا إبراهيم لابنه كان عند السعي بين الصفا والمروة، فيكون تله له على الجبين، على هذا، عند الصفا، ثم جاءت الفدية، فصارت سنة. ومضى العرب يذبحون فدياتهم -وكانوا يسمونها العتائر والنسك- على الصفا، على النحو الذي كانوا يذبحون به ضحاياهم البشرية.


(١) ند عني الموضع وأحسبه في شرح الحماسة للتبريزي وما أحرى أن يكون في تاريخ الأمم.
(٢) اللسان مادة «دمى».

<<  <  ج: ص:  >  >>