للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظل بعض العامة عندنا إلى عهد قريب يعتقدون أن إيقاد السدر يتبعه الشؤم وربما جر الثكل واليتم.

وأحسب تشبيه الظعائن بالنخل والدوم راجعًا في أصله إلى رمزية المرأة الكامنة في النخلة، مع الذي قد يتبادر إلى الذهن من أن هذا التشبيه من وحي البيئة وظاهر ما يبديه النظر لا غير، إذ جماعات الإبل تلوح من بعيد كأنها الشجر، وإن كانت عليها الهوادج كانت شديدة الشبه بالدوم والنخل وهما إخوان. والذي يرجح عندي أنه راجع إلى الرمزية، ما قدمته لك من عبادة النخلة، وما يحيط بها من معاني الخصوبة المؤنثة في رشاقتها وبسوقها واحتفال أشطرها بالتمر. وفي الحديث ما ينبئ بأن النخلة ذات كرامة وبركة. ومن ذلك تشبيهها بالمؤمن (١)، واستحسان وضع شيء من جريدها الأخضر على قبر الميت. وعندنا في السودان يزينون سرير العروس بأقواس من جريد. النخل، وكذلك يفعلون بسرير الختان (٢) وفي هذا من دلالات الخصوبة ما فيه وقول امرئ القيس في الرائية، يوشك أن يكون نصًا على قوة الصلة بين الخصوبة والتشبيه الدائر في الشعر من جعل الظعائن كالنخل والدوم وذلك هو:

فشبهتهم في الآل لما تكمشوا ... حدائق دوم أو سفينًا مُقيرًا

أو المكرعات من نخيل ابن يامن ... دُوين الصفا اللائي يلين المُشقرا

سوامق جبار أثيث فروعه ... وعالين قنوانًا من البسر أحمرا

حمته بنو الربداء من آل يا من ... بأسيافهم حتى أقر وأوقرا

وأرضى بني الربداء واعتم زهوه ... وأكمامه حتى إذا ما تهصرا

أطافت به جيلان عند قطاعه ... تردد فيه العين حتى تحيرا

كأن دُمى سقف على ظهر مرمر ... كسا مُزبد الساجوم وشيًا مُصورًا

غرائر في كن وصون ونعمة ... يُحلين ياقوتا وشذرًا مُفقرًا


(١) راجع كلمتنا
The Changing Customs of the Riverain Sudan-, SUDAn Notes & Records.
(٢) راجع كلمتنا
The Changing Customs of the Riverain Sudan-, SUDAn Notes & Records.

<<  <  ج: ص:  >  >>