سألت الناس عنك فخبروني ... هنا من ذاك تكرهه الكرام
وليس بما أحل الله بأس- ... إذا هو لم يُخالطه الحرام
قال صاحب الخزانة: «قال ابن أبي الأصبع، ومن مليح الكناية النخلة، فإن هذا الشاعر كنى عن المرأة بالنخلة، وبالهناة عن الرفث، فأما الهناة فمن عادة العرب الكناية بها عن مثل ذلك، وأما الكناية بالنخلة عن المرأة فمن ظريف الكناية وغريبها. انتهى.
«وأصل ذلك: أن عمر بن الخطاب كان نهى الشعراء عن ذكر النساء في أشعارهم لما في ذلك من الفضيحة، وكان الشعراء يكنون عن النساء بالشجر وغيره ولذلك قال حميد بن ثور الهلالي:
وهل أنا إن عللت نفسي بسرحة ... من السرح مسدود علي طريق
أبى الله إلا أن سرحة مالك ... على كل أصناف العضاه تفوق
«وعلم بهذا سقوط قول اللخمي: سلم على النخلة لأنها معهد أحبابه أو ملعبه مع أترابه، لأن العرب تقيم المنازل مقام سكانها، فتسلم عليها وتكثر الحنين إليها، قال الشاعر:
وكمثل الأحباب لو يعلم العا ... ذل عندي منازل الأحباب
ويحتمل أن يكون كنى عن محبوبته بالنخلة لئلا يشهرها، وخوفًا من أهلها وقرابتها انتهى (١)».
(١) نفسه ١٦٧/ ١٦٨ - وقول ابن أبي الأصبع «من ظريف الكتابة وغريبها» عجيب إذ ما أكثر الكناية بالنخلة والشجرة عن المرأة.