للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحسب أن الشاعر لم يخل من نظر في هذا البيت إلى قوله تعالى:

{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}.

لأن النار إذا لاحت من نقب، كان ضوؤها قويًا بارعًا.

وما خفيت عني لدن شُب ضوؤها ... وما هم حتى أصبحت ضوؤها يخبو

أي لاحت لي منذ بدء شبوبها ثم ظل ضوؤها منيرًا إلى الصباح لم يهم طوال الليل أن يخبو

وقال صحابي ما ترى ضوء نارها ... ولكن عجلت واستناع بك الخطب

فكيف مع المحراج أبصرت نارها ... وكيف مع الرمل المنطقة الهضب

ولا ريب أن النار كانت في قلب جميل، إذ كما ترى أبصرها هو وحده دون صحبه ولا تكون مثل هذه النار إلا من ذكر بثينة وتمثلها- على أن هذا القول كله راجع إلى ما قدمناه من مقالة امرئ القيس: «تنورتها من أذرعات البيت».

ويشبه هذا المذهب ما رواه صاحب الأمالي أيضًا لأحد الأعراب (١):

رأيت وقد أتت نجران دوني ... ليالي دون أرحلنا السدير

لليلى بالعنيزة ضوء نار ... تُشب كأنها الشعري العبور

إذا ما قُلت أخمدها زهاها ... سواد الليل والريح الدبور

سواد الليل متنازع بين الفعلين «أخمدها» و «زهاها» أي إذا ما قلت أخمدها سواد الليل وأخمدتها الريح إذا بهما يزيدانها شبوبًا.

وما كادت ولو رفعت سناها ... ليبصر ضوءها إلا البصير


(١) هو الشماخ، ديوانه، مصر ١٣٢٧ بشرح أحمد بن الأمين الشنقيطي ص ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>