وهذا البيت يدلك على أنها كانت من نيران القلب لا من نيران القرى التي تلوح للركب.
فبت كأنني باكرت صرفًا ... مُعتقة حُمياها تدور
أقول لصاحبي هل يُبلغني ... إلى ليلى التهجر والبكور
وهذا البيت الأخير نص في أن النار لم تكن إلا ليلى التي اشتاق إليها هذا الشاعر الأعرابي.
هذا ومن رموز المرأة السحابة. وخصوبة السحابة لا تخفى. قال الأعشى:«مر السحابة لا ريث ولا عجل» يصف بذلك مشي هريرة محبوبته. وقال طرفة:
لا تلمني إنها من نسوة ... رقد الصيف مقاليت نُزر
كبنات المخر يمأدن كما ... أنبت الصيف عساليج الخضر
وبنات المخر سحائب يأتين مع الصيف قليلات المطر. وهذا من دقيق التشبيه إذ أراد طرفة أن ينعت صاحبته بالنعمة والشباب والكبرياء والصون وامتداد القامة والبهاء وقلة النائل. وبنات المخر رمز صالح لكل هذه الصفات. وفيهن خصوبة كما ترى إلا أنها خصوبة متعذرة نزرة. وقد كانت العرب مما تعد قلة الأولاد من علامات العتق والكرم. قال قائلهم:
بغاث الطير أكثرها فراخًا ... وأم الصقر مقلات نزور
ويعجبني تقوية طرفة لتشبيه بقوله «كما أنبت الصيف عساليج الخضر» - إذ عساليج الصيف دقيقات لدنات وريات وسط الظمأ المحيط بهن مع بهاء ونضرة وبريق. هذا ومن أبين ما نعتت به المرأة في باب التشبيه بالسحابة قول القطامي المشهور:
وفي الخدور غمامات برقن لنا ... حتى تصيدننا من كل مصطاد