للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يقوي عندك ما نزعمه من ارتباط معنى البرق بالوجد والحنين أسطورة عمرو بن يربوع والسعلاة، إذ زعموا أن عمرًا هذا أخذ السعلاة وأراد أن يجعلها امرأة له، فقيل له إنك ستجدها امرأة صدق ولكن اجعل على وجهها شملة إذا رأيت البرق، لكيلا تراه، فإنها إن رأته حنت إلى أهلها وتركتك. فيقال إنه وجدها كما قالوا وكان له منها بنون وبنات وكان يستر وجهها كلما أحس البرق. فغفل عن ذلك مرة. ورأت هي البرق فنازعها الحنين إلى أهلها فقالت له:

أمسك بنيك عمرو إني آبق ... برق على أرض السعالي آلق

ونفرت نفرة واحدة فكان ذلك آخر العهد بها. وإلى هذا المعنى أشار المعري في قوله من اللامية يصف إبله ونزاعها إلى الشام:

إذا لاح إيماض سترت وجوهها ... كأني عمرو والمطي سعالي

هذا ومن الرموز المتفرعة عن البرق ومعاني السقيا أصناف ما يذكرونه من الرياح والنسائم والخزامي والحنوة وهلم جرا، وكل هذه شديدة العلاقة بالديار والمواضع كما أنها شديدة العلاقة بالحب والعشق وذكريات الجمال. ومن خير ما يستشهد به في هذا الباب كلمة عبد الله بن الصمة:

تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار

ألا يا حبذا نفحات نجد ... وريا روضه بعد القطار

وأهلك إذ يحل الحي نجدًا ... وأنت على زمانك غير زاري

شهور ينقضين وما شعرنا ... بأنصاف لهن ولا سرار

وقول جرير:

يا حبذا جبل الريان من جبل ... وحبذا ساكن الريان من كانا

وحبذا نفحات من يمانية ... تأتيك من قِبل الريان أحيانًا

هبت شمالاً فذكرى ما ذكرتكمو ... عند الصفاة التي شرقي حورانا

<<  <  ج: ص:  >  >>