الأناشيد:«يا حمامتي» في خطاب الحبيبة، وذلك حيث يقول سليمان:
«افتحي لي يا أُختي
يا حبيبي
يا كاملتي
لأن رأسي امتلأ من الطل
وقصصي من ندى الليل»
ولا يفتك ما في هذا المعنى الأخير من الإشارة إلى أنه صقر إذ كانت هي حمامة، إذ ذكر امتلاء ريش الصقر من الطل والندى كثير في العربية، ولا يستبعد أن يكون نحو من هذه الفكرة قد عرفه العبرانيون. قال ذو الرمة في الصقر:
طراق الخوافي واقع فوق ريعة ... ندى ليله في ريشه يترقرق
هذا وقد يوجه قوله «يا حمامتي» على أن فيه إشارة للوداعة والرشاقة وما هو من هذا المجرى. ولكن قوله في النشيد نفسه «عيناك حمامتان» ونص التوراة «عينا خي يونيم» وترجمته قد تكون عيناك حمام أو حمائم أو حمامتان نص صريح في قرن الحمامة بالعين، وبالنظر.
وفي بعض معاني الحمامة أنها المرآة. قال الراجز: «كأن عينيها حمامتان (١)» وعلى هذا يترجم نص التوراة «عيناك مرآتان». وغير خاف أن إفادة الحمامة معنى المرآة منشؤه من التشبيه. وهذا كله يقوي ما نذهب إليه من أن الأصل في رمزية الحمامة عبادة خصوبة المرأة من حيث نظرها: روعته وجماله وارتواؤه.
وقد يكون الأصل أبعد من هذا، ومرده إلى عبادة خصوبة الأنثى متمثلة في الشمس. والناس مما يقولون عين الشمس، وأحسب هذا مذكورًا في المأثور عن
(١) اللسان، بولاق، ١٥ - ص ٥٠. الرجز للمؤرخ أنشده الأزهري ونبهني الأستاذ محمود محمد شاكر إلى هذا المعنى في الحمامة جزاه الله خيرًا.