للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادة الفراعنة القدماء. وقد كانت الشمس إلهة الرافدين. وفي العربية يقولون مغيب الشمس في عين. قال تبع:

فرأى مغيب الشمس عند مآبها ... في عين ذي خُلب وثاط حرمد (١)

وفي القرآن: «حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة» فهل كانت الحمامة من رموز آلهة الشمس المراد بها تقديس خصوبة النظر؟ وقد سبق أن ألمعنا لك بشيء عن صلة ما بين الورد والنظر، واشتراك لفظ العين في الدلالة على الماء والنظر من هذا الأصل فيما يخيل لنا وعسى أن يكون من تشبيه عين الماء بعين النظر بجامع الاستدارة والندى والبريق في كل والله تعالى أعلم. وفي قول تبع الآنف الذكر تجده يسمى مغيب الشمس مآبًا. والعرب مما تقول غابت الشمس وآبت الشمس. ويجعل مآبها هذا إلى عين تغرب فيها: ثم يصف هذه العين بأن فيها الطين والحمأ الثاط الحرمد: ألا تحس في هذا نفسًا من قصة الحمامة النوحية إذ آبت عند المساء وفي رجليها أثر الطين؟ أم لا تحس نفسًا من معنى الورد في قول النابغة:

واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام شراع وارد الثمد

أم لا تحس معنى الأوبة وتوقعها في قول الأعشى:

كوني كمثل التي إذ غاب وافدها ... أهدت له من بعيد نظرة جزعًا

ولا تكوني كمن لا يرتجي أوبة ... لذي اغتراب ولا يرجو له رجعًا

ولعل مما يرجح أن مرد تأليه النظر في الأنثى إلى أرض بابل والسحر ومن صلة ما بين النظر والسحر، ثم ما رأيته ملحقًا بقصة الزرقاء من أمر الإثمد. وهو في القصة كما ترى حجر سحري، والعرب مما تقول الإثمد الحاري؟ قال عمرو بن معد يكرب (٢):

كأن الإثمد الحاري فيها ... يُسف بحيث تبتدر الدموع


(١) أي الطين الأسود المتغير.
(٢) الأصمعيات، دار المعارف، مصر ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>