والحاري نسبة إلى الحيرة من أرض العراق. ومهما يكن من شيء فقصة الزرقاء التي سقنا نص في ارتباط الحمامة بخصوبة المرأة وبالنظر وجماله وبالكحل وأثره السحري، ثم داخل فيها معنى الورد والسقيا والمأوى والكن والأمل والرجاء.
وقد عرفت العرب تشبيه العين بالحمامة كما عرفته التوراة كالذي مر بك من قول الراجز:«كأن عينيها حمامتان» وإن يك معنى الحمامة ههنا المرآة. والبيت الذي استشهدنا به آنفًا من قول عمرو بن معد يكرب:
كأن الإثمد الحاري فيها ... يُسف بحيث تبتدر الدموع
أي كأن الإثمد الذي أسفته لثاتها السود، لم تسفه لثاتها السود وإنما اسفته هُدبها، حيث تبتدر دموعها- وههنا كما ترى تشبيه لفم الفتاة بعينها. والفم مما يشبه بالحمامة في الشعر القديم. قال الآخر:
قال الأعلم في شرحه لأبيات الكتاب: «وصف في هذا البيت شفتي المرأة فشبههما بنواحي ريش الحمامة في رقتهما ولطافتهما وحُوتهما وأراد أن لثاتها تضرب إلى السمرة، فكأنها مسحت بالإثمد، وعصف الإثمد ما سحق منه، وهو من عصفت الريح إذا هبت بشدة، سحقت ما مرت عليه وكسرته وهو مصدر وصف به المفعول كما قيل الخلق بمعنى المخلوق والرواية الصحيحة مسحت بكسر التاء وعليه التفسير. وروي مسحت بضم التاء ومعناه قبلتها فمسحت عصف الإثمد في لثتيها وكانت العرب تفعل ذلك، تغرز المرأة لثاتها بالإبرة ثم تمر عليها الإثمد والنوؤر وهو دخان الشحم المحروق حتى يثبت باللثات فيشتد ويسمر ويتبين بياض الثغر. أو يكون المعنى باشرت من سمرتها مثل عصف الإثمد. وإنما خص الحمامة النجدية لأن الحمام عند العرب؟ ؟ ؟ مطوق كالقطا وغيره. وإنما قصد منها إلى الحمام الورق المعروفة وهي تألف الجبال والجزر والنجد ما ارتفع من الأرض ولا تألف الفيافي والسهول كالقطا