مصيدة. والرجل أيضًا مصيد لأن الأنثى تطلبه فهو الجارح وهو الفرخ وهو الصقر الذي يصيد الحمامة وهو الصوت الذي تدعو به الحمامة صقرها. وقد ذكرنا لك آنفًا ما نعتوا به الصقر من تلبد الريش، وما نعتوا به الرجل من تلبد الشعر يشبهونه بالصقر يصفونه بالقوة. وقصة شمشون من هذا المجرى. وكذلك قول الشنفري؟ ؟ ؟ شعره هو:
وضاف إذا هبت له الريح طيرت ... لبائد من أعطافه ما تُرجل
بعيد بمس الدهن والفلي عهده ... له عبس عاف من الغسل مُحول
أي مر عليه حول لا يغسل، وهذا يدل على أنه أشعث أغبر، وذلك علامة الفحولة والاخشيشان.
هذا ونعتوا الصقر بحمرة المنقار. قال زهير:
فزل عنها وأوفى رأس مرقبة ... كمنصب العتر دمي رأسه النسك
أي زل عن الحمامة وهبط أعلى مرقبه يبدو كأنه حجر تذبح عليه العتائر، وكانت للعرب أنصاب تعتر عليها ضحايا الأنعام، والصيد فيبقى عليها أثر الدماء. وإنما أراد زهير نعت المنقار.
وقد نعتوا الرجال بحمرة اللثات. قال سبيع بن الحمام:
ومجالس بيض الوجوه أعزة ... حُمر اللثات كلامهم معروف
ولا شك أن في مدح الرجال بحمرة اللثات تشبيهًا لهم بالصقور، في الجرأة والفحولة. وحمرة اللثات مذمومة في النساء، ولكن الحوة فيهن ممدوحة وثغورهن مما يشبهها الشعراء بالحمام كما مر بك. فعسى جميع هذا أن يقوي عندك ما قدمناه من أن إطلاق الهديل على ذكر الحمام منشأة من هذا. إذ الصقر رمز للذكر الذي يكون آنًا صوتًا وآنًا فرخًا والأنثى تحن إليه وتناغيه وتفزع منه، وكل أولئك معان مختلفات متداخلات.