للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأن الراعي لم يكفه في تصوير الضعف كسر الجناح، فأضاف إليه قرب الصقر المفترس وجعل الفرخ يزقو، يدعو بذلك أباه أو أمه، وسمى زقاءه هديلا، كما ترى، والصورة هديلية الأصل بلا ريب.

وأكثر ما يشبهونه بالقطا والحمام في السرعة، الخيل. وربما يذكرون الإبل، من ذلك كلمة مالك بن حزيم الهمداني (١)، غير أنها أدخل في باب التشبيه بلفظ القطا عند الورد دون سرعته، قال:

تذكرت سلمى والركاب كأنها ... قطا وارد بين اللفاظ ولعلعا

فحدثت نفسي أنها أو خيالها ... أتانا عشاء حين قمنا لنهجعا

فقلت لها بيتي لدينا وعرسي ... وما طرقت بعد الرقاد لتنفعا

وقريب من هذا قول الراعي:

جلسوا على أكوارها فتردفت ... صخب الحصى جذع الرعان رجيلاً

مُلس الحصى باتت توجس فوقه ... لغط القطا بالجلهتين نزولاً

وقد ذكرت الحرث بن حلزة الصيد فشبه فرسه بالصقر وشبه الظباء المطرودة بالحمام. قال:

ومُدامة قرعتها بُمدامة ... وظباء محنية ذعرت بسمحج

فكأنهن لآلئ وكأنها ... صقر يلوذ حمامه بالعرفج

صقر يصيد بظفره وجناحه ... فإذا أصاب حمامة لم تدرج

وهذا لاحق بالذي قدمناه لك من تداخل معنى الصقر والحمامة في معرض الرمز والتشبيه.


(١) الأصمعيات، دار المعارف- ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>