فقلت تغني كيف شئت فإنما ... غناؤك عندي يا حمامة إعوال
وتحسدك البيض الحوالي قلادة ... بجيدك فيها من شذى المسك تمثال
ظلمن وبيت الله كم من قلائد ... توازرها سور لهن وأحجال
فوالله ما تدري الحمائم بالضحا ... أأطواق حُسن تلك أم تلك أغلال
ومن طريقة المعري أن يضمن شعره غير قليل من نظراته وآرائه في نقد مذاهب الشعراء وتحليلها وتعليلها، وكتابه رسالة الغفران يشهد بهذا ونحوه من مذهبه ولذلك كثر استشهادنا به في استعراضنا واستقرائنا لما نحن بسبيله.
وللمعري أبيات من كلمة ميمية (في ديوانه لزوم ما لا يلزم ٢ - ٢٤٤) على روى حميد بن ثور، لا ريب أنه جاراه بها، ذكر فيها غناء الحمام ولم يخل فيها من تحليل مذاهب الشعراء في هذا الباب. ولا بأس بالاستشهاد ببعضها ههنا؟ قال:
أعكرم إن غنيت ألفيت ناديا ... فلا تتغني بالأصائل عكرما
وعكرم ترخيم عكرمة والعكرمة الحمامة، وفي هذا البيت نفس من معنى أبي تمام كما ترى.
بنظم شجا في الجاهلية أهلها ... وراق مع البعث الحنيف المخضرما
وهذه إشارة إلى صخر الغي وأضرابه في الجاهلية وحميد بن ثور وأضرابه من أوائل الإسلاميين وقد كان حميد مخضرما، ومما يدلك على إعجاب المعري به أنه ذكره في رسالة الغفران وأدخله الجنة مع عوران قيس ووهب له ولهم عينين كأحسن ما تكون العيون.
وقد هاج في الإسلام كل مولد ... وأطرب ذا نسك ومن كان مُجرمًا