للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقنه به إياه الشمس. فأجعل سواد الأثافي سقيًا وريًا من هذا الضرب. على أنه مما يحسن أن يقال ههنا إن النار قد تكون رمزًا للشمس كما قدمنا، فأجعل سقيها للأسافل من الأثافي، هذا الذي نزعمه، من باب الخصوبة كسقي الشمس للثغر ومرادنا بعد واضح إن شاء الله.

هذا وقول الشماخ «ارث رماد» فيه ما ترى من معنى البقية والتراث. وهذا يطابق ما قلنا به آنفًا من أن الرماد، وبقية النار، والنار نفسها كل ذلك رمز للمرأة وعلامة للشوق والهوى. فكأن الرماد ههنا كناية عما يتركه الفراق من الغبن والحسرة والألم بعد فراق الأحباب، وما يتركه لاعج الغرام من آسان وعقابيل ليس إلى أروائهن سبيل.

هذا والأثافي مما تشبه بالنياق، لأنهن، فيما زعموا، مطايا القدر. والقدر فيها معنى الخصب، وهذا واضح. وعلاقة القدر بالدار والإقامة، وعلاقة المرأة بالقدر والدار وما يجري هذا المجرى كل ذلك واضح لا يخفى. وقد مر بك قول الآخر:

وإذا العذارى بالدخان تلفعت ... واستعجلت هزم القدور فملت

فجعل العذارى يلين أمر القدور زمان الشتاء، وذلك يكون قبل زمان الربيع، وفيه وبعده يكون الرحيل.

هذا والنياق توصف بالعطف والحنين. قال متمم بن نويرة:

وما وجد أظآر ثلاث روائم ... وجدن مجرًا من حُوار ومصرعًا

يُذكرن ذا البث الحزين ببثه ... إذا حنت الأولى سجعن لها معا

بأوجد مني يوم فارقت مالكًا ... وقام به الناعي الرفيع فأسمعا

<<  <  ج: ص:  >  >>