والمجنحات التي بينها الفروج هي الأثافي، وأجناحها ميلها، وذراها بفتح الذال جوانبها وكنقها. أي طارت أعالي الرماد ولاذ منه لائذ، كما يلوذ الشريد، بكنف الأثافي، فآوته وتعطفت عليه. والسلائب جمع سلوب وهي التي سلبها ولدها الموت أو شفرة الجزار ومن شأنها إذا رأت حوار غيرها أن تتعطف عليه تذكرًا لولدها وأسى عليه، والخديج ما أسقط من جنين لغير تمامه، وقد يخرج يشهق حينًا ثم يموت. والشاعر كما ترى بعد أن شبه باقي الرماد بالشريد حيث لاذ بكنف الأثافي فتحدبت عليه، عاد فشبه الأثافي بالسلائب التي تجد حوارًا خديجًا فتتحدب عليه وترزم حوله، فجعل الرماد منهن بمنزلة الخديج من السلائب كما ترى.
والصورة تنظر بلا ريب إلى نحو قول متمم بن نويرة:
وما وجد أظآر ثلاث روائم ... أصبن مجرًا من حوار ومصرعا
يُذكرن ذا البث الحزين ببثه ... إذا حنث الأولى سجعن لها معًا
إلى آخر ما قاله.
ثم هي بعد ذلك تنظر إلى الأصل الهديلي، ونعت الشاعر لسلائبه بأنهن ورق، أن يك مراده الدلالة به على لونهن الرمادي الأوراق، مما يشعرك بمعنى الحمائم ولا يخلو من نفس تشبيه للإبل بهن.
وإذا جاز تشبيه الأثافي بالحمام مباشرة أو من طريق تشبيههن بالأظآر من الإبل كما ههنا، جاز -كما قدمنا- تشبيههن بما تشبه به الحمائم كالمرأة والشفتين وهلم جرا.
قال البعيث:
ألا حييا الربع القواء وسلما ... ورسمًا كجثمان الحمامة أدهما