للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أراد الأثافي والرماد، كقول الشماخ:

وإرث رماد كالحمامة ماثل ... ونؤيان في مظلومتين كداهما

وقال زهير يشبه الأثافي بالحمام:

وغير ثلاث كالحمام خوالد ... وهاب مُحيل هامد مُتلبد

والهابي الهامد المتلبد أراد به الرماد.

وقال جرير (١):

أمنزلتي هند بناظرة اسلما ... وما راجع العرفان إلا توهما

كأن رسول الدار ريش حمامة ... محاها البلى فاستعجمت أن تكلما

طوى البين أسباب الوصال وحاولت ... بكنهل أسباب الهوى أن تجذما

كأن جمال الحي سربلن سانعًا ... من الوارد البطحاء من نخل ملهما

وإنما سربلن الرقم ومن في الرقم من الحسان، شبه جرير كل ذلك بنخل ملهم وتمره الوارد البطحاء في موسم الحج. ولم يخل ههنا من نظر إلى نعت امرئ القيس لنخيل ابن يامن المكرعات في رائيته «سما لك شوق» - ونأمل أن نعرض لهذا المذهب بتفصيل في بعض ما يلي إن شاء الله. هذا وشاهدنا هنا تشبيه الرسوم بريش الحمامة، ذلك الذي تشبه به الشفتان كما رأيت، وما عنى جرير بالرسوم في قوله هذا إلا الأثافي والرماد.

وقال الآخر:

أثر الوقود على جوانبها ... بخدودهن كأنه لطم

والمراد الأثافي، وتشبيههن بالنائحات اللواتي سفع خدودهن اللطم واضح كما ترى-


(١) ديوانه، مصر، مصطفى محمد، ٥٤٢ - ٥٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>